بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجه و عظيم سلطانه , و الصلاة و السلام على سيد الأنام محمد و على آله و صحبه و سلم و لمن أتبع هداه
أما بعد
قلوبنا و كيف نحيا الحياة فيها و كيف نشعل النور و نطفئ الظلمة منها إنها القلوب منبع الروح و المشاعر هي كالنهر الدافق تتسلل منه المياه من كل جانب , لا ينتهي عطائه ما دام النبض ينبض فيه و الدم يسري فيه , كم من قلب طاهرا سليما بلغ الجنان و ارتقى و فاز برضى الرحمن , وكم من قلب ميت قاسي عليل تعلق بالشهوات و نسي هادم اللذات و أسرف بالهفوات , إنها قلوبنا كم البعض منا قد أهملها بل قد نسيها ترك فيها حمل ثقيل و ضنك و ضيق قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89 )} الشعراء
إن القلب الميت لا يبالي برضا الله إن كان الله راضيا أم ساخط منه منغمس في شهواته و ملذاته لاهيا في الحياة ولا يجاهد نفسه إذا تمنت الحرام بل يعطيها كل ما تتمنى و هو البلاء العظيم إنها قسوة القلب و موته فلا تؤثر فيه آية فيها الوعيد فهو متعبد لغير الله و يحب سواه يحب لهواه و إن أبغض أبغض لهواه و إن أعطى و ومنع لهواه يكون الله أهون الناظرين إليه و الجنة هي بعيدة عن تفكيره و ناظريه و أتبع كل شيطان مريد , و أصبحت نفسه ذليلة دنسها بكل عمل خبيث و ضال , ألم يئن لهذا الإنسان أن يغسل قلبه و يزيل الخبائث عنه بعد ما دنسه قلبه بها و حكم على نفسه بخسارة الدنيا و الآخرة و يطهره و يجعله قلبا صحيح لا يضره الشيطان فيبغض الحرام و يعلم أن الحق في خلافة فيخبت للحق قلبه و يطمئن و ينقاد و يعلم بطلان ما ألقاه الشيطان , فيزداد إيمانا بالحق و محبة له و كفر بالباطل و كراهة له
و إن من علامات صحة القلب أن لا يفتر عن ذكر ربه و يسأم من خدمته , ولا يأنس بغيره , إلا بمن يدله عليه , و يذكره به , و يذاكره بهذا الأمر , و إذا فاته ورده وجده لفواته آلما أعظم من تألم الحريص بفوات ماله و فقده , فإن دخل للصلاة ذهب عنه همه و غمه بالدنيا , و اشتد خروجه منها , ووجد فيها راحته و نعيمه , و قرت عينه و سرور قلبه , و أن يكون همه واحدا و أن يكون في الله ففي الأسحار يأنس بمناجاة ربه و الشكوى إليه ولا يعبأ حينها بمفاتن الدنيا فتكون الخلوة مع الله ومناجاته هي أعظم كنز و أكبر راحة , لنزرع في قلوبنا بهجة و سرور و نزيل تلك الخطايا من القلوب فحينها تشرق الشمس و الظلام يتبدل لنور و جعلنا و إياكم ممن يتبع الحديث أحسنة و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
0 التعليقات:
إرسال تعليق