بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده لا شريك له , و الصلاة السلام على سيد الأنام محمد و على آله و صحبه و سلم
الحمد لله وحده لا شريك له , و الصلاة السلام على سيد الأنام محمد و على آله و صحبه و سلم
أما بعد
لا شك إن الحياء من الأخلاق الحميدة كبذرة تنمو و تكبر و تثمر الثمار اليافعة التي يرتقي بها الإنسان في عباداته و أخلاقة , فكم هناك من انتزع منه ثوب الحياء فظل مسجونا بالخطايا غافلا لا يستحي ولا يخشى من الله فضل ضلالاً مبينا , إنه الحياء كم سلك الصالحين طريقة فزادهم خشوعا و رهبة من الله و حبا , قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1 , إنها رقابة الله في كل الأمور فكم تورث ذل و خشية و حياء منه , و هناك أسباب كثيرة تؤدي لإزالة الخوف و الحياء من الله ومنها حب شيئا سوى الله فيترك في القلب ضيق و حسرة و نسيان الله و الإعراض عن ذكره فيصبح الإنسان أسير لملذاته و شهواته فإن سعى لأمر سعى لغير الله و لرضى سوى الله و أولائك هم الخاسرون , الذي ضلوا و صدوا عن الحق المبين , قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد }فاطر15 و توضح هذه الآية الكريمة فقر الإنسان و حاجته لله دون سواه و هو الغني عن الناس و عن جميع مخلوقاته فكل ما أفتقر لله الإنسان و ذل شعره بالعبودية لله وحده فيسعى لرضاه و النيل لحبه , و كان في قصص الأولين موعظة و عبرة و الاقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه الخيار فيها السعادة و الرفعة , قال أنس – رضي الله عنه : دخلت حائطا – أي بستانا – فسمعت عمر – رضي الله عنه – يقول , و بيني و بينه جدار : عمر بن الخطاب أمير المؤمنين , بخ , لتتقين الله ابن الخطاب أو ليعذبنك . ( تاريخ الخلفاء , للإمام السيوطي : ص 129 . و لا شك لا يتحقق الخوف من الله و الحياء منه دون أن يغرس في القلب الرجاء و الخوف فهو مطلب و التيقن بأنه الحول و القوة بالله وحده و هو القدير على كل شيء لا يعجزه شيء في الأرض و لا في السماء فحينها يتضرع الإنسان لله و يدعوه تضرعا و خفية قال تعالى :{وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ }الأعراف205 و قال تعالى : {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}الأنعام 63.
فالعبد اللاهي عن القرآن و ذكر الله منغمس في شهواته و متبع لهواه هجر الطاعات تعمدا و استكبارا لا يعبأ بما ستترك قلة الحياء و الخشية من الله من أثر في الحياة الدنيا و الآخرة و ذلك قد زاده الله ضلالا و استكبار و غرور فطال أمله و لم يعمل بكلمة لا إله إلا الله التي هي أصل التوحيد و الانقياد لله وحده لا شريك له , فكل ما عرف الإنسان ربه و عمل بهذه الكلمة العظيمة زاد توقير لربه و أتباع لآياته و سنة نبيه و هو الفوز العظيم و جعلنا ممن يتبع الحديث أحسنة و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين