بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجه و عظيم سلطانه و أشهد أن لا إله إلا الله نور السموات و الأرض ذو الرحمة الواسعة و أشهد أن نبينا محمد عبده و رسوله
أما بعد
رحمته وسعت كل شيء و نعمه فاضت على كل حي , بالرحمة ناجاه الخائفين و التائبين و المضطرين في ظلمة الليل و في كل حين ما أجملها من مشاعر إلى رب رءوفا رحيم حين تنغلق الأبواب و يحوم اليأس عن النفس و يضيق الحال و تبكي العين من ذنوب لا يغفرها إلى رب الأرض و السموات ندعوه نرجو رحمته فهو الشفاء للقلوب العليلة و النفس المريضة التي لا ترجوه سوى الرحمة و المغفرة و العتق من النيران , كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ، ثم خرج يسأل ، فأتى راهبا فسأله فقال له : هل من توبة ؟ قال : لا . فقتله ، فجعل يسأل ، فقال له رجل : ائت قرية كذا وكذا ، فأدركه الموت ، فناء بصدره نحوها ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فأوحى الله إلى هذه أن تقربي ، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي ، وقال : قيسوا ما بينهما ، فوجد إلى هذه أقرب بشبر ، فغفر له
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3470خلاصة الدرجة: [صحيح] , إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة ، فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة ، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة ، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة ، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 6469خلاصة الدرجة: [صحيح],
هذه هي رحمة الله لعبادة أنزلها لمن يسعى لمرضاته و لمن عصاه حيث يهمله أيام و سنون ليتوب و يندم قال تعالى في آياته : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم 42 هؤلاء الظالمين أمهلهم و أخر العذاب عنهم إنه حلم الله و رحمته للعباد ليتوبوا و يرجعوا لله العزيز الغفار , فلا بد أن يرجوا العبد ربه في كل حين فإنه باب عظيم حيث الرحمة و المغفرة قال ابن قيم عن الرجاء ما معناه : هو الباب الذي يجنح بالعبد إلى الله , فواجب على الإنسان أن يذكر الناس بهذه الرحمة العظيمة و لا يقنطهم من روح الله فيجعلهم يرجونه و يرجون رحمته فتسكن أنفسهم من الخوف و القنوط فلا مفتاح إلا الرجاء في رحمة الله , فكم من عصى ربه و خافه في عدم قبول توبته و عدم رحمة الله له فيأس و زاد من الذنوب و المعاصي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( بشروا ولا تنفروا , و يسروا ولا تعسروا )) أخرجه البخاري و قال تعالى : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 , إن الله حليم سبحان و تعالى و لذلك يحلم على الكافر و الفاجر و يمهل و ذلك من رحمته فكم من يقتل و يدمر و يمهله أعوام و أعوام و مسلم مذنب برغم ما يعصي مرارا فإن عاد إلى الله نادما و تائبا غفر له و قبل توبته و جاءه في الحديث أن الله عز و جل أفرح بتوبة العبد من أحدكم ضلت من راحلته عليها طعامه و شرابه , فبحث عنها فلما وجدها و قد أيس منها قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي و أنا ربك , أخطأ من شدة الفرح , فالله أفرح بالعبد إذا عاد إليه سبحانه و تعالى من هذا بناقته )) أخرجه البخاري , فسبحانه الذي جعل باب رحمته مفتوح لا يغلق و فضله واسع لا ينفذ فبرحمته يفرح المؤمنون و تمتلئ قلوبهم حبا و شوقا لرب غفور رحيم فلا يشعر بها إلا الذي يأتي إلى الله راغبا له مقتربا له فيفر إلى الله و يلجأ إليه ولا يفر إلى غيره قال تعالى : {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الذاريات50 فيفر المؤمن إلى الله في الصلاة و الدعاء و هو موقن بأنه يلجأ إلى ربا رحيم لا يخيب عبده و يرحمه و يرحم ضعفه في كل نائبة و ضيق فهذه الرحمة في الله لعباده ولا يرحم ولا يجير العبد إلا الله و جعلنا ممن يتبع الحديث أحسنة و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
0 التعليقات:
إرسال تعليق